جريدة عمان
بخاء – أحمد بن خليفة الشحي
تنفرد مختبرات العلوم عن غيرها من المصادر التعليمية بأنها تحتوي على الكثير من عمليات العلم الأساسية والتكاملية التي من الضروري فيها تعويد الطالب على الاكتشاف والتجريب، ومن الصعب تصور إعداد درس في العلوم دون استخدام النشاط العملي والذي لا يقتصر على الأنشطة داخل المختبر فحسب، بل يمتد إلى إجراء الطالب للتجربة بنفسه وبالتالي زيادة دافعية الطالب للتعلم واكتسابه مهارات وقدرات جديدة.
وتؤكد الدراسات ضرورة ممارسة الطالب للجانب العلمي، واستخدام أساليب الاكتشاف والاستقصاء والتجريب وحل المشكلات تحت إشراف وتوجيه المعلم وفني المختبر ولعل ما يميز حصة العلوم عن الحصص الأخرى بشكل عام هو ارتباط محتوى المادة بالنشاط العملي والتجريب وتتحقق بذلك مشاركة الطالب الفاعلة في الأنشطة العملية المختلفة في المختبرات العلمية، ولذا تحرص سياسة التعليم في وزارات التربية والتعليم حول العالم على تكوين المهارات العملية والعناية بالنواحي التطبيقية فالتعليم عن طريق المختبر يوقظ الاهتمام، وينمي القدرة على المشاهدة والتسجيل الدقيق والاستنتاج المبني على الحقائق وينمي المهارات والأساليب ذات القيمة الهادفة ولذا فالمختبر من أساسيات العملية التربوية بل ويعتبره البعض القلبَ النابضَ في المدرسة.
تكمن أهمية المختبرات المدرسية في أنها تعمل على تنمية التفكير العلمي عند الطلاب كتحديد المشكلات وفرض الفروض وتنمية مهارات عملية لدى الطلبة مثل: ربط الأجهزة والقيام ببعض العمليات المخبرية ومسك الأدوات وتخزينها عند إجراء التجارب وهنالك فرصة جيدة لتنمية ميول الطلبة وزيادة حماسهم نحو دراسة العلوم وتنمية وتعميق الاتجاهات العلمية لدى الطلاب مثل دقة الملاحظة الموضوعية وعدم التسرع في إصدار الحكم والاستنتاج السليم للأفكار والبحث عن الأدلة وهذا يعتبر هدفا أساسيا في تدريس العلوم واستخدام المختبر يتيح فرصة جيدة لدى الطلبة للإبداع والابتكار لذا من الضروري التركيز على مهارات العلوم المخبرية بجميع جوانبه العلمية سواء التقليدية أو التقنية الحديثة فيها وإظهار أهم التسهيلات الخدمية للطلبة في مجال البحث والابتكار.
«عمان» التقت مع مشرفة مختبرات العلوم بـ«تعليمية مسندم» وعدد من فنيي المختبرات والطلبة..
وقالت عذاري بنت مسعود الشحية مشرفة مختبرات علوم بتعليمية مسندم: إن هناك توافقًا بين رؤيتي وزارة التربية والتعليم ومنظمة اليونسكو بأن الابتكار العلمي والتطوير في مجالات العلوم أصبح أحد أهم الاهتمامات التي تشغل المجتمعات المتقدمة، وتحرص على التركيز عليه بشتى الإمكانيات لذلك حظيت مدارس السلطنة عامة بأحدث التقنيات في الأجهزة والأثاث لمختبرات العلوم، كما تم تخصيص تصاميم خاصة لكل نوع من المختبرات بتخصصاتها المختلفة الأحياء والكيمياء والفيزياء ومختبرات العلوم العامة والحرص على الصيانة الدورية لها للحفاظ على كونها آمنة وجاذبة للطالب في آن واحد بالإضافة لمجموعة واسعة من المستشعرات التقنية التي حلَت محل العديد من الأدوات التقليدية في التجارب العملية والتي صُممت لتتماشى مع تجارب العلوم بجميع مستوياتها التي من أهمها المجاهر المحوسبة ومستشعرات الحرارة والضغط والتنفس والحموضة والصوت والضوء وغيرها – كل ذلك كان سببًا لزيادة شغف التعليم للعلوم والابتكارات وزيادة نسبة المشاركات الطلابية في السنوات الأخيرة في المشاريع العلمية المختلفة.
مريم بنت عبدالله الشريف الشحية فنية مختبرات بمدرسة آمنة بنت وهب للتعليم الأساسي 5-12 تقول «تعتبر المختبرات المدرسية ذات مكانة متميزة، حيث يرتكز العمل المخبري على وجود بيئة آمنة وصحية، وهذا ما دأبت عليه وزارة التربية والتعليم وما لمسناه في العمل اليومي، كما أنها ذات جاهزية عالية لاستقبال العاملين من حيث وجود مبنى مطور للمختبرات ذو مساحة وتصميم يتناسب مع العمل اليومي ليستوعب الأعداد الكبيرة للطلبة».
وأضافت إنه ولأهمية المختبرات فقد تم تجهيزها بأحدث المواصفات ودعمها بالأجهزة والأدوات والمواد الكيميائية لخدمة مناهج العلوم المختلفة، كما تم تجهيز المختبرات المدرسية بجميع المتطلبات الرئيسية وفق أفضل المواصفات والمعايير العالمية بما يضمن سلامة العاملين فيها من خلال إضافة مكتب لفني مختبر العلوم وغرفة لتخزين المواد الكيميائية مزودة بثلاجة لحفظ المواد الكيميائية، كما تم توريد أعداد كبيرة من متطلبات السلامة للأفراد مثل الكمامات والنظارات والقفازات الواقية وتوفير لباس العمل المخبري للفنيين والمعلمين والطلبة.
وأكدت على أهمية أن يكون هناك فحص صحي شامل لفنيي المختبرات المدرسة نتيجة تعاملهم وتعرضهم للمواد الكيميائية بكل أنواعها السامة، والكاوية، والمتبخرة، والضارة بالبيئة، وغيرها الكثير بشكل مستمر ودوري.
أحمد الظهوري فني مختبر بمدرسة مسندم للتعليم الأساسي 10-12 يقول: «بلا شك أن المختبرات المدرسية تحظى بعناية فائقة من الوزارة ففي السنوات الأخيرة قامت بجهود عظيمة من خلال تأثيث المختبرات المدرسية وتزويدها بأحدث أجهزة التقانة والمواد والأجهزة المختلفة وتأهيل الكوادر البشرية من تدريبهم وإكسابهم مهارات ومعارف جديدة، أما أبرز التحديات والاحتياجات التي تواجهنا هي نقص البرامج التدريبية التي نتمنى أن تتم بما يتناسب مع تطوير المناهج إضافة إلى نقص الكوادر البشرية في المدارس من الفنيين الذي لا يتناسب مع الزيادة المطردة في عدد الطلبة».
من جانبها، قالت آمنة الشحية فنية مختبر بمدرسة تماضر بنت عمرو: إن المختبر المدرسي يعتبر القلب النابض للمدرسة وهو بوابة يمر من خلالها الطلاب لتحقيق مهارات عملية وتنمية ميول وزيادة حماس لدى الطلاب للاستكشاف والاستنتاج وهذا يتيح لهم الفرصة للإبداع وفي السنوات الأخيرة أصبح المختبر يمثل أحد الأسس المهمة لتوصيل المعلومة والاهتمام به وباحتياجاته تعتبر من أولوياتهم وبإمداده بالتقانة الحديثة وتجهيزه بأحدث الأجهزة تقابلنا أحيانًا تحديات بسبب ضعف شبكة الإنترنت الذي يعتمد على أساسه التحضير وحجز الدروس وأيضا تغيير المناهج المتواصل وعدم توفر احتياجات المناهج الجديدة.
وأكد أحمد بن علي الكمزاري فني مختبر بمدرسة محمد بن صالح المنتفقي بكمزار على أن ميول الطلبة للابتكار والتجديد والمشاركة بالمسابقات العلمية والمشاريع التطويرية لهو حافز قوي لنا كفنيين لتقديم أفضل وأسهل الأساليب لتصير التجارب المنهجية والتجارب البديلة، كما ارتأينا في المحافظة سنويًا لابتكار عمل مخبري جماعي بقيادة مشرفة المختبرات بالمحافظة لتطوير مهارات الطلبة في العمل المخبري منها المسابقات العلمية الداخلية وتنفيذ معرض سنوي لمختبرات العلوم وبرامج تدريبية سنوية خاصة لتهيئة طلبة مدارس الحلقة الأولى، بالإضافة إلى ما تم مؤخرًا وهو إنتاج حقائب مخبرية متكاملة خاصة لمناهج سلاسل كامبردج من تنفيذ فنيين وفنيات في مختبرات محافظة مسندم والتي بلغ عددها عشر حقائب متضمنة مجموعة شاملة للمحتوى التجريبي للأدوات والنماذج الخاصة بالمناهج سهلة النقل والاستخدام أثناء التجارب العملية.
ويتحدث الطالب محمد بن خالد الشحي في الصف الحادي عشر من مدرسة عمرو بن العاص قائلا: «للمختبرات مهام كثيرة وفوائد عدة منها تسهيل وتبسيط الدروس وتوضيح أكثر للطالب، ويعتبر المختبر المكان الآمن للتجارب؛ لأنه يتكون من جميع معدات السلامة ويقلل من الضرر، كما أن المختبر هو جزء كبير من المدرسة، فيجب على كل طالب ممارسة التجارب شخصيًا كي تصقل المعلومة بشكل أكبر وأريحية للطالب والتوضيح التام وأيضًا المختبر يولد صور المشاركة الفعالة بين الطالب والمعلم وبهذه الطريقة سوف نتمكن من فهم أو تبسيط الدروس لذلك نطمح دائما لزيادة المحتوى المخبري لكل طالب وليس لمجموعات فقط لإعطاء فرصة فردية لكل طالب للتجريب والتطبيق.
ويشير الطالب خلفان بن عبدالله المدحاني في الصف العاشر بمدرسة النصر إلى أن «أهمية المختبرات العلمية المدرسية تكمن في أنها تعمل على تنمية الفكر العلمي لدى الطلبة، كتحرير المشكلات والفروض العلمية وتنمي المهارات التجريبية، لذا نحن كطلبة نطمح سنويًا إلى أن تتواكب مختبراتنا المدرسية مع التطور العلمي العالمي، ونسعى باستمرار للمقارنة بين التقليدي والتقني المتوفر في مختبرات السلطنة والمختبرات العالمية الأخرى. كما نتمنى أن تستمر مختبراتنا المدرسية بالتطوير في الأثاث والأجهزة وطرق التنفيذ لتتواكب مع طموحاتنا وتعززها باستمرار.
وتقول عبير بنت يوسف المعمرية بالصف العاشر من مدرسة تماضر بنت عمرو للتعليم الأساسي: منذ صغري شدني منظر تلك المعلمة التي ترتدي الرداء الأبيض وأنا أراقبها من بعيد وأراقب ما تقوم به ودائمًا كنت أتخيل نفسي في مكانها، وهي تقوم بتجهيز أدوات المختبر للمعلمات بكل حب وتعاون ورحابة صدر وتقوم بإعداد التجارب، طالما حلمت أن أقف وقفتها متقمصة دورها وأطمح مستقبلا إلى أن أحذو حذوها وأكون من ضمن فريق فنيات المختبرات؛ لأن المختبر له أهمية كبيرة في المدرسة فهو يعمل على تنمية التفكير العلمي عند الطلاب وتنمية مهارات عمليه لدى الطلبة كربط الأجهزة والقيام ببعض التجارب العلمية التي تثري المادة والطالب.
أما الطالبة مريم بنت أحمد الشحية في الصف التاسع الأساسي بمدرسة سكينة بنت الحسين (٥-١٢) تقول: «المختبر هو ذلك العشق الذي تجرى فيه التجارب العلمية ولولا أهميته لما وجد من الأساس فهو يساعد الطالب على البحث والتحليل ويكسبنا الإبداع وينمي فينا القدرة على الابتكار والاستقصاء في المختبر فقط يتحقق التحدي العلمي في إثبات الحقيقة العلمية ومشاهدتها وجعلها ملموسة نبدأ باكتشاف خفايا العلوم لاسيما، وقد تم تزويد مختبراتنا بأجهزة التقانة الحديثة التي عززت الفهم والاستيعاب للمعلومات النظرية فالمختبر بأدواته ومواده وفنياته وطلبته الذين يرتادونه يشكلون الطريق الذي يبدأ منه تعلم العلوم والاكتشاف الذاتي في هذا المجال فشكرًا مختبرات مسندم لما تقدمونه لنا من دعم ورقي لتحقيق الغاية الأسمى وهي إشباع الفضول العلمي في أنفسنا والسير في الطريق للابتكار» .