جريدة عمان
لا يمكن وصف ما يمكن أن تشعر به أم عاملة غادرت إلى العمل وتركت الصغار في البيت، لكن في هذه المرحلة بالذات وبعد تعليق الدراسة كإجراء احترازي بعد تفشي فايروس كورونا تفكر الأمهات العاملات في ثلاث خيارات: الخروج في إجازة، أوإحضار الجدة، أو العمل عن بعد.
تقول زميلتان لي في المؤسسة كنت قد صادفتهما على السلم أن الجو يوم أمس – اليوم الأول من تعليق الدراسة- كان جوا جميلا ولطيفا قضاه أطفالهما في فناء البيت مع الألعاب، فسألتهما من يبقى رفقة الأطفال حتى تعودان إلى البيت؟ لم تبدوان قلقتان كثيرا حيال ذلك، فالأولى قالت أن الخادمة والأخوة الكبار موجودون، أما الثانية فقالت أن الجدة تسكن معهم في البيت وتهتم بهم حتى تعود هي من العمل.
ثم قالت إحداهن أن اليوم الأول مر بمراجعة الدروس، والقيام بالواجبات الشفوية التي طلبت بعض المعلمات تصوير الطالب لها بالفيديو وإرسالها من هاتف الأم إلى المعلمة. وتقول أخرى وهي أم لطفل في الحضانة أنها ستبقى خلال هذا الشهر في البلدة حيث الجدة عوضا عن بقائها في بيتها بمسقط.
وتحدثت الزميلة شذى البلوشية عن معاناتها من قرار إغلاق الحضانات، وسردت قصتها بقولها: «ربما كان القلق من مشاركة ابني غيره من الأطفال في إطار غرف الحضانة، وبقائه يوما بأكمله برفقة آخرين لا أعلم وضعهم الصحي والأسري، ولكن الأمر ربما كان أسهل بالنسبة لي، لاطمئناني من خلال النتائج العالمية لفيروس كورونا «كوفيد 19» أن الطفل ليس عرضة للمرض على خلاف غيره، وقدرة جسده ومناعته على مواجهة المرض أقوى، ورغم الوضع الصحي لطفلي إلا أن الخيار كان أسهل بكثير من قرار إغلاق الحضانة، ولا أحد من أهلي حولي ويمكن أن يبقى ابني برفقتهم في ساعات عملي التي تمر فيها أوقات الغداء والقيلولة وغيرها من الالتزامات لطفل في عمر الثانية.
كان قرار الانتقال اليومي من قريتي في جنوب الباطنة إلى موقع عملي في مدينة الإعلام بشكل يومي لمدة شهر وربما تزيد، حيث أكفل وجود ابني في بيت جدته، وهنا تبدأ هواجس الخوف تزداد في داخلي، إن كنت ضمنت أن يكون ابني بخير، فهل أنا بخير مع اختلاطي مع الآخرين، والذي يغلب على بعضهم الاهمال واللامبالاة في ما يتعلق بصحتهم وتنقلهم وتجمعاتهم، ويبقى الخوف الأكبر كيف أضمن أن لا أكون ناقلا لكبار السن!»
وعن حديثنا مع أمهات أخريات يعملن في مؤسسات أخرى، قالت شيخة المعمرية وهي تعمل مدققة مالية: «بحكم أني امرأة عاملة فإن عودتي للمنزل لن تكون قبل الثالثة من ظهيرة كل يوم، وعاملة المنزل تهتم بهم حتى عودتي وعندما وصلت بعد أول يوم من تعليق الدراسة بقيت معهم وتابعت نشاطهم وابتكرنا الألعاب وشاهدنا التلفاز وكنا نلون ونكتب حتى حان موعد نومهم».
وقالت (س): «تركت أبنائي وحدهم في المنزل في اليوم الأول من تعليق الدراسة وأعمارهم بين الثامنة والثالثة، كنت قلقة حيال ذلك، لأن آثار المشاجرات بينهم هو ما وجدته عندما عدت من العمل».
فيما وقالت (ص): «كان اليوم الأول من تعليق الدراسة صعبا حقا، وأن يبقى الأبناء في البيت ونحن في العمل تحد كبير. فالأهل في البلدة ولم يكن هناك من يمكن أن نستعين به في هذا الوضع، ولكن مع تعاون جهة العمل حصلنا على الموافقة للعمل عن بعد وحضور الاجتماعات أون لاين، والحضور لمقر العمل عند الضرورة».
وتشير مجموعة من الأمهات إلى أن المجموعات المشتركة في الواتس وعبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي بينهن وبين معلمات الأبناء في المدارس ومنذ اليوم الأول ساعد على إبقاء الطلبة على وصال مع معلماتهم اللاتي استمررن بإعطاء التوجيهات والتمرينات كما لو كانت المدارس مفتوحة مما ساعد على إبقاء الأطفال مشغولين بمهامهم المدرسية حتى حين عودتهن للمراجعة والتصحيح.