جريدة عمان
أكدّت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم أن السلطنة ادراكا منها بالدور المتنامي الذي يقوم به الشباب لخدمة مجتمعاتهم، فقد أولتهم جل الرعاية والاهتمام، وحرصت على تنمية قدراتهم وصقلها في المجالات الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية، ومكنتهم من مهارات الابتكار وريادة الأعمال باعتبارهم المكون الأساسي للتنمية.
وقالت معاليها في كلمة ألقتها خلال ترؤسها وفد السلطنة في أعمال الدورة الأربعين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، والمنعقد حالياً بمقر المنظمة في باريس، بمشاركة وفود الدول الأعضاء بالمنظمة وممثلي عدد من المنظمات الدولية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني إن السلطنة تؤيد سعي منظمة اليونسكو لإشراك الشباب في وضع السياسات والاستراتيجيات وإعداد الخطط التنموية، وإنشاء منصات ومنتديات عالمية لهم.
وأضافت «لا ريب أن ضمان توفير تعليم ذي جودة للجميع بات يمثّل الأولوية القصوى لجميع دول العالم، والتحدي الأبرز الذي يواجه الأسرة الدولية بأسرها، وذلك لبلوغ أهداف التنمية المستدامة لاسيما الهدف الرابع بحلول عام 2030، ولعل الخطوات الإجرائية التي اتخذتها اليونسكو ومكاتبها الإقليمية في حثّ الدول الأعضاء على اتخاذ إجراءات عاجلة لتدارك خطر حرمان نحو مائتين وثمانية وخمسين مليون طفل من حقهم في التعليم كشفت عن إحراز تقدم، لكنه ما يزال ضئيلا إن لم يكن معدوماً.
وأشارت معاليها الى انه «في هذا السياق فإن سلطنة عمان ملتزمة بمتابعة تنفيذ الهدف الرابع المتعلق بالتعليم وطنيا وعالميا، فعلى الصعيد الوطني وضعت السلطنة استراتيجية للتعليم 2040 تتضمن جميع الغايات المرتبطة بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، أما على الصعيد العالمي فقد قدّمت للأمم المتحدة تقريرها الطوعي الاستعراضي لأهداف التنمية المستدامة».
واعلنت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية ترحيب السلطنة بتدشين مبادرة «مستقبل التربية والتعليم» التابعة لليونسكو، داعية إلى تعزيز مكانة مهنة التدريس، والاستثمار في المعلم باعتباره عنصرا أساسيا في العملية التعليمية، وتبني معايير دولية لإعداده وتدريبه وتمكينه للقيام بدوره التربوي المنشود».
ونقلت معاليها في كلمة السلطنة أمام الجلسة العامّة للمؤتمر الذي يعقد خلال الفترة من 12 – 27 نوفمبر الجاري تحيات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- ، وتمنيات جلالته لأعمال هذا المؤتمر بالنجاح والتوفيق، وتطلعاته لعالم يسوده التعاون والتفاهم والسلام من خلال هذه المنظمة، وقدمت التهنئة لسعادة أحمد ألتاي لانتخابه رئيسـا للمؤتمر لهذه الدورة.
وقالت معاليها: «في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي يشهدها عصرنا الحالي، فإن العالم ينتظر من اليونسكو القيام بأدوار ذات أهمية بالغة تتطلب تكاتف الأسرة الدولية للعمل على تجاوزها بفكر دولي مشترك تعينها على المضي قدما نحو تحقيق طموحاتها».
ونوهت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية في كلمة السلطنة الى «أن الاستثمار في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار يعد عاملاً أساسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي، وهو ما تؤكده منظمة اليونسكو وتسعى إلى تعزيزه ودعمه، وإيمانا من السلطنة بأن العلوم والتكنولوجيا هي التي تشكل ملامح المستقبل فقد تم اعتماد ركيزة البحث العلمي وبناء القدرات الوطنية ضمن الأولوية الوطنية الأولى لاستراتيجية التعليم ورؤية عمان 2040 ».
وأكدّت في هذا السياق «إن سلطنة عمان تؤيد أيضا ما تقوم به اليونسكو في اعتماد وثيقة تقوم على مراعاة القيم الإنسانية والأخلاقية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي كما هو مخطط له في هذا المؤتمر». وأشادت بدور اليونسكو في توظيف التكنولوجيا الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة بتقليص الفجوة الرقمية في مجال تنمية القدرات الفردية، وإتاحة الانتفاع بفرص تعليمية عالية الجودة من خلال الموارد التعليمية المفتوحة (OER).
وعلى الصعيد الثقافي قالت معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم «ان السلطنة إذ تثمن مساعي اليونسكو الحثيثة في مجال صون التراث الثقافي والطبيعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإنها تدعو الدول إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإدماج حفظ وإدارة التراث الثقافي في السياسات الوطنية والاستراتيجيات والخطط التنموية، واستثمار قدرة التراث الثقافي لجعل المدن أماكن تنبض بالحياة الثقافية وتنعم بالازدهار الاقتصادي وتحقق استدامة بيئية، وتؤكد في الوقت ذاته على أهمية حث الدول لتكثيف التعاون والتنسيق لأجل الحد من الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والالتزام بتنفيذ اتفاقية عام 1970م، لا سيّما وأن اليونسكو ستحتفل في عام 2020 بمرور خمسين عاماً على انطلاقها».
وأضافت معاليها انه «وتقديرا لأهمية الدور الذي يقوم به الفن في تحقيق التنمية المستدامة في المجالات الفنية بأشكالها المختلفة من خلال دعم الإبداع وتحفيز مهارات الابتكار، وتعزيز الروابط بين الأعمال الفنية لخدمة المجتمع وإحلال السلام، فإن سلطنة عمان تشجع كل ما يسهم في إثراء المشهد الثقافي في العالم، وتؤيد اقتراح المؤتمر بإعلان يوم عالمي للفن، ويوم آخر للفن الإسلامي».
وأكدّت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية في كلمة السلطنة «أن من بين أبرز القضايا التي فرضت نفسها كنتيجة حتمية للتطور المتسارع في العلوم وإنتاج المعرفة، قضية أخلاقيات البيولوجيا، وقد لفتت اليونسكو أنظار العالم منذ إطلاقها لبرنامج أخلاقيات البيولوجيا إلى ضرورة الالتزام بالأطر الأخلاقية عند التعامل مع الطفرة الهائلة للعلوم والتقنيات بمختلف أشكالها. وانطلاقا من أهمية هذه الأخلاقيات وتعزيز صلتها بالتقدم العلمي وفق السياق الثقافي والقانوني والفلسفي»، وأكدت معاليها ان سلطنة عمان تعتزم تنظيم المؤتمر الدولي الثاني لأخلاقيات البيولوجيا، حول التشريعات المنظمة لذلك في مدينة مسقط العاصمة خلال شهر فبراير 2020م، بشراكة مع اليونسكو».
وضم الوفد المرافق لمعاليها كلا من سعادة السفيرة الدكتورة سميرة بنت محمد الموسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو، وناصر بن حمد الرواحي نائب مندوبة السلطنة، كما يشارك في أعمال الدورة ممثلون عن وزارة التعليم العالي، ووزارة التقنية والاتصالات، ووزارة البيئة والشؤون المناخية، وجامعة السلطان قابوس وذلك لحضور عدد من اللجان المتخصصة المنبثقة عن المؤتمر العام.
الجدير بالذكر بأن أعمال المؤتمر بدأت صباح يوم الثلاثاء الموافق 12 نوفمبر الجاري، وألقى خلالها معالي انطونيو جوتيرش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كلمة أكد فيها على دور منظمة اليونسكو في معالجة العديد من القضايا الراهنة ذات الطابع العالمي أبرزها أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وقضايا البيئة والتغير المناخي، وتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة المعني بالتعليم، كما تطرق لجهود المنظمة في هذا الجانب، بالإضافة إلى حقوق الإنسان وتغليب لغة الحوار والتسامح لحل القضايا.
فيما ألقت معالي أودري أزولاي المديرة العامة للمنظمة كلمتها في افتتاح الدورة أكدت خلالها على جهود المنظمة في رسم مستقبل التربية، وفي هذا الصدد أكدت على أهمية التدريب والتعليم المستمر، والاهتمام بفئة الشباب. وتطرقت إلى بعض البرامج التي تنفذها المنظمة ومنها الاعتراف بشهادات التعليم العالي، وبرامج مواجهة التمييز العنصري والتطرف، بالإضافة إلى برامج تتعلق بمهنة الصحافة وحماية الصحفيين، ونوهت إلى وجود تعاون دُولي في مجال المياه ومحميات المحيط الحيوي ومواجهة بعض التحديات البيئية، والعمل لأجل المستقبل.
بعدها تم تشكيل لجنة فحص وثائق الاعتماد للمؤتمر ولجنة الترشيحات؛ وذلك لتعيين رئيس جديد للدورة الحالية ونواب للرئيس ورؤساء للجان المنبثقة عن المؤتمر العام، وكذلك النظر في جدول أعمال المؤتمر واعتماده، بالإضافة إلى دراسة توصيات المجلس التنفيذي للمنظمة بشأن قبول مراقبين من المنظمات الدولية غير الحكومية.
وفي نهاية الجلسة الافتتاحية العامة تم انتخاب أحمد ألتاي جنكيزر مندوب الجمهورية التركية رئيسا للدورة الأربعين للمؤتمر العام خلفا لزهور العلوي رئيسة الدورة السابقة. فيما قُدّمت خلال هذه الدورة عدد من التقارير المتعلقة بأنشطة المنظمة وعن تقييم البرامج أهمها تقرير المديرة العامة للمنظمة عن أنشطة المنظمة في الفترة من 2014 – 2017، وتقرير المجلس التنفيذي عن أنشطته وتنفيذ البرامج.