جريدة عمان
تغطية: نوال الصمصامية
أُعلن أمس إشهار المؤسسة الوقفية لدعم التعليم «سراج»، بمنتدى «دور الوقف في دعم التعليم وتمويله» والذي عقده مجلس التعليم تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة، وبمشاركة نخبة من المختصين من مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية، ومتحدثين من داخل السلطنة وخارجها.
وتُعد «سراج» إحدى ثمار مخرجات هذا المنتدى، وتتمثل أهدافها في تجديد الدور التنموي للوقف في رعاية التعليم ودعم برامجه العلمية، وإيجاد مصادر متنوعة ومستدامة لدعم التعليم في مستوياته كافة، وكذلك دعم المحتاجين من طلبة العلم وفقاً للتقارير اللازمة من جهات الاختصاص، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم لطلبة العلم من فئة ذوي الإعاقة ، والبرامج المناسبة لها، واستقطاب أموال التبرعات والهبات والوصايا لدعم التعليم ووضع ضوابط لها، وإيجاد أفضل الطرق لتشغيلها وتنميتها واستثمارها، إلى جانب توظيف أموال المؤسسة وعائدات استثماراتها لدعم وتمويل المشاريع ذات الصلة بتنمية قطاع التعليم بالسلطنة ، وتطبيق الممارسات المثلى في هذا المجال.
فضلاً عن إدارة واستثمار أموال المؤسسة الوقفية وتطويرها والمحافظة على استدامتها وتثمير ريعها، ويجوز لها في سبيل ذلك الاستثمار في المجالات العقارية أو الصناعية أو الزراعية وغيرها من المجالات وفق ضوابط الشريعة الإسلامية في استثمار الوقف، وتعزيز أعمال الخير والتكافل الاجتماعي وبث الوعي في المجتمع حول أهمية المساهمة في الوقف التعليمي.
وأكد معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية في تصريح له أن إشهار المؤسسة الوقفية لدعم التعليم «سراج» لتنضم مع البنية الأساسية للتعليم في السلطنة وتشكل رافدا آخر لدعم المؤسسات العلمية ومراكز البحث والابتكار، يعد أنموذجا يحتذى به في إنشاء المؤسسات الوقفية والحرص على رفدها بأهل الخبرة من المجتمع وأهل البذل والعطاء لتحقيق مبتغى الخيرية ونشر مقصد الوقف وزرع الثقة في في النفوس وحب الخير في القلوب.
وأضاف معاليه:«استلهمنا من قائد مسيرة عمان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- السعي وراء التجديد والأداء المنضبط بالجودة والأداء الحكومي المرتبط بغرس الثقة في المجتمع وانعكس ذلك في أداء الوزارة اتجاه قطاع الأوقاف بشكل عام، حيث يتجدد مفهوم الوقف وممارسة البشر، ولا يقف التجديد على طبيعة الوقف وممارسته بل يسهم في تجديد الوعي الخيري العام ويدفع باتجاه النظر إلى رفد الاقتصاد الوطني وجعله أحد العناصر المؤثرة إيجابيا في تحريك عجلة التنمية واستدامتها».
من جانبه، قال سعادة الدكتور سعيد بن حمد الربيعي أمين عام مجلس التعليم: «إنَّ للوقف التعليمي في السلطنة إرثا تاريخيا بارزا، ويسعى هذا المنتدى وما سبقه من حلقات عمل تحضيرية لإحياء دور الوقف التعليمي في السلطنة، وكذلك إيجاد شراكة في دعم التعليم وتمويله بين الحكومة وفئات وشرائح المجتمع المختلفة، وما قُدم من أوراق عمل مثرية كان لها الأثر البالغ في الاستفادة من التجارب الإقليمية و الدولية الناجحة في هذا المجال، وكذلك في تقديم العديد من المقترحات والتوصيات التي من شأنها إحياء دور الوقف في وقتنا الحاضر، وتطويره بما يتوافق مع واقعنا المعاصر، كما أن إشهار المؤسسة الوقفية لدعم التعليم «سراج» هو إحدى ثمار مخرجات هذا المنتدى، والتي بلا شك ستسهم في تجديد الدور التنموي للوقف في رعاية قطاع التعليم، وبرامجه العلمية المختلفة»
وأشار سعادة أمين عام مجلس التعليم في كلمة افتتاح المنتدى إلى الوقف في التاريخ الإسلامي، ودوره الفاعل في تحقيق التنمية بمفهومها الواسع،ودور صناديق الوقف التعليمي في تقديم الخدمات التعليمية بالجامعات الغربية وفي الدول المتقدمة، كما تطرق للحديث عن مباركة مجلس التعليم لإقامة هذا المنتدى، الذي يهدف إلى إثراء الحركة العلمية والثقافية في البلاد، وكذلك إيجاد شراكة لدعم تمويل التعليم، وهذا ما نصَّت عليه إحدى التوصيات الواردة في الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 (إيجاد مصادر تمويلية مستدامة وبعيدة المدى وتوفير مصادر تمويلية بديلة أخرى لقطاع التعليم؛ لتأمين الدعم المالي له).
وأوضح سعادته في كلمته الغاية الأساسية للمنتدى وهو تسليط الضوء على دور الأوقاف التعليمية في دعم التعليم في مراحله المختلفة، والوقوف على أبرز التحديات العملية لمشاريع أوقاف التعليم، واقتراح الحلول المناسبة لها، وذلك من خلال استعراض عدد من التجارب الإقليمية والدولية الرائدة في هذا المجال، فضلاً عن تفعيل الشراكة المجتمعية بين القطاعات والجهات ذات العلاقة بالأوقاف التعليمية، وصولاً إلى الخروج بمرئيات محددة، وآليات عملية تساعد مؤسسات التعليم في تنظيم أوقافها واستثماراتها الوقفية.
وقدم سلطان بن سعيد الهنائي مدير عام الوعظ والارشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية كلمة الوزارة بارك من خلالها لمجلس التعليم إشهار المؤسسة الوقفية لدعم التعليم «سراج»، كما تحدث عن أهمية الأوقاف باعتبارها مصدراً خيرياً وتنموياً وحضارياً بالبلاد منذ مئات السنين، وقال ان المنظومة التشريعية للأوقاف بالسلطنة قد تطورت لتواكب المستجدات العصرية ومتطلبات التنمية بالمجتمع الذي تتطلع فيه المؤسسات إلى استدامة الموارد وتنويع مصادر الدخل ورفد الاقتصاد الوطني بمبادرات وقفية نوعية تحقق نقلات معتبرة تلامس واقع الناس وتسهم بفاعلية في بناء حياتهم.
وقد استُعرضت خلال المنتدى خمسة أوراق عمل لمتحدثين من داخل السلطنة وخارجها، حيث جاءت ورقة العمل الأولى بعنوان «الوقف التعليمي…رؤية شرعية معاصرة» للمتحدث الرئيسي في المنتدى فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة، استعرض فيها طرق الاستفادة من الإرث التاريخي للوقف في السلطنة، وكيفية احياء دور الوقف في الواقع المعاصر لتمويل التعليم، وكذلك دور المجتمع وصلاحياته في هذا الجانب، والبواعث الصحيحة له، إضافة إلى مواطن الابتكار والابداع في تخصيص الأوقاف التعليمية، وكيف تكون الإدارة صحيحة شرعاً للأوقاف مع تكاملها في المصالح الوطنية في حاضرنا ومستقبلنا، فضلاً عن التطرق إلى جوانب الاستفادة من التجارب العالمية لإحكام هذا التوجه المعاصر.
أما الورقة الثانية فقد جاءت عن أوقاف التعليم العالي في تركيا: تجربة جامعة كوتش، قدمها الأستاذ الدكتور باريس تان نائب رئيس جامعة كوتش للشؤون الأكاديمية، إذ ركز في العرض المرئي على تجربة جامعة «كوتش» في مجال أوقاف التعليم العالي، كما تناول العرض أيضاً دور الجامعات غير الربحية في نظام التعليم العالي التركي، إضافة إلى التحديات والفرص المتاحة لتأسيس هذه الجامعات من منظور عالمي.
فيما قدم الورقة الثالثة سعادة الدكتور خالد بن سعد القحطاني أمين عام أوقاف جامعة الملك سعود بعنوان «استثمارات الوقف التعليمي في الجامعات السعودية: جامعة الملك سعود أنموذجاً»، والتي تمحورت حول تجربة الأوقاف في الجامعات السعودية، وبشكل خاص على تجربة أوقاف جامعة الملك سعود من حيث نشأتها، وتحديد مكوناتها، والتركيز على أهم عوامل النجاح فيها، والتحديات التي تواجهها، كما تطرق إلى عدد من التوصيات التي تساعد على تأسيس أوقاف جامعية، لا سيما في الدول الخليجية والعربية.
كما جاءت الورقة الرابعة بعنوان «حوكمة واستدامة الأوقاف في الجامعات الماليزية» قدمتها المكرمة الأستاذة الدكتورة نور عناية يعقوب الرئيس التنفيذي لكلية بيت المال المهنية، استعرضت فيها هيكل الحوكمة لاستدامة الأوقاف في مؤسسات التعليم العالي الماليزية.
فيما تناول صاحب السمو السيد الدكتورأدهم بن تركي آل سعيد أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، في ورقته الخامسة بعنوان «تطبيقات الوقف التعليمي في العالم المعاصر»، أمثلة مختلفة في مجال الوقف التعليم التي من شأنها إيجاد مقارنات واقعية قد يتم الاستفادة منها في هذا المجال من خلال التعرف عن كثب على تلك الممارسات والتجارب الفاعلة، وتعزيز إدراك دور الوقف بمختلف مفاهيمه في تمويل التعليم، وتحسين كفاءته، كما قدم عدد من المقترحات التي تصب في مصلحة تطوير منظومة الوقف في المؤسسات التعليمية بالسلطنة.
وقد تخللت أوراق العمل المقدمة أثناء المنتدى جلسات نقاشية أسهمت في رفع الوعي العام حول أهمية الوقف التعليمي ودوره، فضلاً عن نشر ثقافة المشاركة المجتمعية في دعم قطاع التعليم وتمويله، إضافة إلى الإسهام في وضع التشريعات اللازمة لتفعيل الوقف التعليمي على المستوى العام، وكذلك على مستوى المؤسسات التعليمية في السلطنة على وجه الخصوص.
واستعرض الدكتور مسعود بن علي الحارثي خبير الشؤون الأكاديمية بالأمانة العامة لمجلس التعليم في الكلمة الختامية للمنتدى الخطوات التي اتخذتها الأمانة العامة لمجلس التعليم لترجمة التوجيهات الكريمة لمجلس التعليم بشأن تحقيق الأهداف الموضوعة للمنتدى بما يتماشى والحراك المعرفي والفكري والاقتصادي، وبما ينسجم مع تطلعات المستقبل وآفاقه، مشيرا إلى أن المنتدى حظي بمناقشات ثرية ومداخلات مثمرة عكست محورية موضوعاته، وأظهرت الحاجة الماسة إلى تبني الأفكار والمبادرات الريادية الخلاقة في تنويع مصادر تمويل التعليم والتي من بينها الأوقاف، وأكد بأن الفريق العلمي للمنتدى سيقوم بتصنيف خلاصة النقاشات، والرؤى، والمقترحات التي خرج بها المنتدى وفقاً للأهداف الموضوعة له، وستكون محل اهتمام الأمانة العامة لدراستها ورفعها لمجلس التعليم لاتخاذ ما يراه مناسباً بشأنها.