جريدة عٌمان
تقرير– نوال بنت بدر الصمصامية
يعتبر مركز أبحاث تقنية النانو بجامعة السلطان قابوس نواة بحثية فاعلة حيث يساهم في ربط وتفعيل الأبحاث المتقدمة المتعلقة بتقنية النانو بين مختلف التخصصات العلمية. ويعمل المركز على عدة جوانب علمية واستشارية وتدريبية وتأهيل الكوادر تتمثل في العموم على القيام بأبحاث في مجال تصنيع المحفزات النانونية والأغشية المعززة بمواد النانو لإستخدامها في معالجة المياه. كذلك يعمل المركز على تطوير آليات لتحلية المياه باستخدام التعزيز المرتبط بتقنية النانو. إضافة إلى تطوير مركبات تساهم في تعزيز عمل الخلايا الشمسية. وهناك تعاون بحثي وتبادل طلابي وتبادل خبرات مع عدد من الجامعات الدولية والمراكز البحثية.
قام فريق العمل ببحوث متعلقة بتطوير حلول لمعالجة الملوثات العضوية الضارة في المياه الناتجة من خلال التصنيع و استخراج النفط بإستخدام مواد نانونية مصنعة مختبريا.
تسهم تقنية النانو في الجانب الطبي من خلال إجراء البحوث المتعلقة بتشخيص وعلاج بعض الأمراض. يتم تطبيق عمل حقن الدواء عن طريق استخدام حاملات نانونية أو بالإستخدام المباشر لمواد النانو حيث يسهل إدخالها على الجزء المصاب دون تعريض الجزء السليم لهذه المواد. مثال على ذلك استخدام مواد الذهب النانونية لتدمير الخلايا السرطانية وذلك من خلال التعريض المباشر لأشعة الليزر كما أمكن انتاج روبورتات نانوية واستخدامها في العمليات الجراحية المعقدة.
كما يمكن استخدام المواد النانونية المطورة كمجسات حيوية وكيميائية حيث أنها تتميز بحساسية عالية نظرا لصغر حجمها مقارنة بنظيراتها الحالية. كذلك أمكن علميا تحسين جودة الزجاج وصناعة الأصباغ وتنقية الماء والهواء.
وأوضح الدكتور جمال بن ناصر الصباحي مسؤول مختبر الأجهزة المركزي وباحث بمركز أبحاث تقنية النانو على أنه يمكن اجمال الطرق المعززة لإستخراج النفط في السلطنة عن طريق الغمر بالماء والبخار والحقن بالغاز مثل ثاني أكسيد الكربون والاستخلاص الميكروبي المعزز وإستخدام مركبات كيمايئية (مثل مركب الأكريلاميد عديد التسلسل HPAM).
ويعمل الاستخلاص المعزز للنفط على تحسين إنتاج النفط من خلال إضافة مادة البوليمر إلى الماء المحقون لزيادة لزوجة الماء وبالتالي تقليل مشاكل حركية الماء. تعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق الكيميائية شيوعا في تعزيز استخراج النفط منذ حوالي 40 عاما حيث أثبت استخدامه في تحسين استرداد النفط إلى 45 ٪ في العديد من مشاريع الفيضانات بالبوليمر.
مشيرا إلى أن الإنتاج العالمي للمياه المصاحبة للنفط من حقول الإستخراج المعززة بالبوليمر يقدر بحوالي 300 مليون برميل يوميا حسب إحصاء عام 2015 تحوي بعضها على تراكيز 200 – 600 جزء في المليون من ملوثات بوليمر عديد الأكريلاميد HPAM والتي يمكن أن يكون لوجود هذه المتبقيات آثارا بيئية من خلال تسربها إلى المسطحات المائية .
تتحول هذه المواد بفعل التحلل الطبيعي إلى مركبات شديدة السمية من وحدات أحادية الأكريلاميد وتمثل تهديدا للنظام البيئي وضررا بصحة الإنسان. علاوة على ذلك فإن إعادة حقن المياه المنتجة ستكون مكلفة نظرا للزوجتها العالية في بعض المواقع بالإضافة إلى صعوبة فصل الماء من الزيت النفطي الموجود في الماء المصاحب للنفط.
تم استخدام العديد من الطرق التقليدية لإزالة هذه المركبات المتبقية في المياه المنتجة مثل مركبات الحديد وحمض الخليك الرباعي والطين. تعتبر عمليات الأكسدة المتقدمة هي أنظمة معالجة صديقة بالبيئة وتعمل على ازالة المركبات العضوية السامة وتحويلها الى مركبات ذات ضرر أقل.
أخذت تقنية النانو بإستخدام المحفزات الضوئية الإهتمام الكبير من قبل الباحثين والمهتمين بجانب التصنيع في الآونة الأخيرة نظرا لدورها المهم في معالجة المياه الملوثة على اعتبار أنها من الطرق الآمنة والتي تلعب دورا فاعلا في التخفيف من تراكم الملوثات السامة مع امكان اعتبارها من التقنيات الصديقة للبيئة.
تتم هذه العملية من خلال تعريض المحفز لمصدر ضوئي شمسي بحيث ينتج مواد أكسجينية شديدة التفاعل مع الملوثات العضوية السامة وتحويلها إلى مركبات بسيطة.
وأردف الصباحي: تعتبر أكاسيد المعادن من المحفزات الواعدة التي ينظر لها نظرة مستقبلية خاصة ومهمة في معالجة الكثير من الملوثات والمتبقيات العضوية المعقدة. حيث أثبتت الدراسات أن الطرق التقليدية مازالت تعاني من كفاءة المعالجة الكاملة. فقد وجد أن بعض بقايا الأدوية والمبيدات والمضادات الحيوية مازالت موجودة في المياه حتى بعد استخدام التقنيات التقليدية المتعارف عليها تجاريا. يعتبر أكسيد الخارصين من المحفزات التي تصنف على أنها من أشباه الموصلات النشطة التي تم تمثل مستقبلا واعدا لمعالجة المياه.
تم تثبيت أعمدة المحفز على دعامات زجاجية حتى يسهل تطبيقها صناعيا وتقلل من التعريض البيئي لهذه المواد. تم تحسين هذه الفجوة هندسيا عن طريق خلق عيوب سطحية تعزز من امتصاص الضوء الشمسي بدل استخدام أشعة فوق البنفسجية عالية الكلفة وذات كلفة تشغيلية باهظة. تم اختبار هذا المحفز باستخدام عدة تقنيات تحليلية لمعرفة كفاءة الطريقة المستخدمة في التحضير إضافة الى معرفة الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمحفز المنتج.
ويعرف علم تقنية النانو على أنه العلم الذي يقوم بدراسة المبادئ الأساسية والتطبيقات للجزيئات والمواد التي تقل عن 100 نانو متر. من خلال هذا التعديل المتناهي الصغر تتضاعف المساحات الفاعلة إضافة الى تغير بعض الخصائص الفيزيائية والكيميائية والكهربائية والميكانيكية والمغناطيسية.
تعتبر تقنية النانو من التقنيات الواعدة التي ستساهم بشكل كبير مباشر وغير مباشر في تغيير الكثير من أوجه الحياة المختلفة سواء في المجالات الطبية والبيئية وتحلية المياه وصناعة الالكترونيات والخلايا الشمسية المعززة والمركبات وأبحاث الفضاء. ترفد الأبحاث المتعلقة بتقنية النانو بعدد وافر من الأوراق العلمية وبراءات الاختراع والمنتجات كما تساهم في تصنيع أنظمة تطبيقية تأخذ مسارها في الجانب التجاري.
هناك تنافس كبير بين الدول في مجال تقنية النانو حيث ستشكل هذه التقنية أحد الروافد الاقتصادية المهمة في العديد من التطبيقات التصنيعية من خلال تطويع أنشطة البحث والتطوير. وقد أخذت بعض الدول العربية جانب من ذلك الاستقراء العلمي في إجراء الأبحاث المتعلقة بتقنية النانو وتقديم الدعم. وقد قامت العديد من الدول بإقامة وحدات ومراكز بحثية لإثراء وتفعيل الجوانب العلمية المتعلقة بأبحاث تقنية النانو وتطبيقاتها.
وأشار الدكتور جمال بن ناصر الصباحي: لأول مرة في السلطنة يتم تطبيق استخدام هذا المحفز المسند وبإستخدام الطاقة الشمسية في معالجة مشكلة لزوجة الماء المصاحب للنفط المحتوي على بوليمر HPAM. كما تعتبر هذه الدراسة من الدراسات الأولى عالميا التي أمكنت من استخدام أكسيد الخارصين المعزز في المياه المصاحبة للنفط والمحتوية على بوليمر HPAM من إعطاء فعالية كبيرة في التقليل من لزوجة الماء وتكسير هذا المركب الى مركبات بسيطة مثل الماء وثاني أكسيد الكربون وأحماض عضوية بسيطة. تم دراسة تراكيز مختلفة بين 25 الى 1000 جزء في المليون.
ومن أجل فهم كفاءة هذه التقنية ودورها في تكسير هذا الملوث العضوي تم تقييم تراكيز 25 و 50 و 100 و 150 جزء في المليون مختبريا بوجود المحفز الضوئي مع تعريض هذه العينات للضوء المرئي لمدة 6 ساعات. تم تخفيض لزوجة العينة المحتوية على 25 جزء من المليون خلال ساعة ونصف للوصول إلى لزوجة الماء الطبيعية.
كما لوحظ إنخفاض 50 ٪ من لزوجة الماء لعينة الاختبار المحتوية على 50 جزء في المليون بعد 3 ساعات فقط من التعريض. كذلك أوضحت الدراسة أن المحاليل التي احتوت على تراكيز 100 و 150 جزء في المليون انخفضت لزوجتها الى 70 ٪ تقريبا على الأقل خلال 6 ساعات من تسليط الأشعة الشمسية في وجود المحفز الضوئي.
كذاك تم فحص عينات ذات تراكيز عالية تحتوي على 250-1000 جزء في المليون وقد لوحظ نسبة إنخفاض في لزوجة السائل الى 30 % على الأقل من خلال التعريض الشمسي لنفس الفترة الزمنية.
على مستوى التكسرلهذه المادة العضوية تم اختبار إنخفاض هذا المركب بإستخدام جهاز فصل المركبات عالي الأداء لتراكيز 25- 150 جزء في المليون وقد أظهرت الدراسة إزالة أكثر من 45 ٪ على الأقل. كما تم اختبار تماسك أكسيد الخارصين على الدعامة الزجاجية نجاحا كبيرا حيث قدر بنسبة انخفاض وصل إلى 1.2 ٪ فقط. كما وجد عند اختبارعينة حقيقية من حقول النفط تحتوي على هذا البوليمر على قدرة هذا المحفز على تخفيض اللزوجة بنسبة 50 ٪ خلال التعريض للأشعة الشمسية لمدة 6 ساعات.