جريدة عمان
كشف سعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي أمين عام مجلس البحث العلمي بأن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير في السلطنة بلغت 0.2% من إجمالي الناتج المحلي، في الوقت الذي توصي فيه الكثير من المؤشرات العالمية بأن لا تقل تلك النسبة عن 1%.
وأضاف الهنائي في تصريح له على هامش حفل إطلاق حلقة العمل الوطنية حول مؤشرات العلوم والتقانة أمس: إن نسب الإنفاق على البحث والتطوير في دول المنطقة تتراوح ما بين الـ 0.5% و 1% من إجمالي الناتج المحلي، ونحن في السلطنة نحتاج للتركيز على هذا الجانب خاصة في قطاع الصناعة، فقد كنا في السابق نستورد التقنيات لكننا اليوم وبفضل وجود البنى الأساسية اللازمة والموارد البشرية المؤهلة ، أصبحنا نمتلك قدرات وإمكانات تمكننا من توفير تلك التقنيات وهو وضع قائم ونراه في شركات النفط الكبرى وهناك بالفعل جهود كثيرة تبذل في مجال البحوث التجريبية، آملين أن ترفع من نسب الإنفاق المحتسبة في السلطنة.
وأشار أمين عام مجلس البحث العلمي إلى أن إنفاق المجلس على دعم البحوث كان محدودًا خلال السنوات الثلاث الماضية آملا أن يرتفع ذلك الإنفاق في السنة القادمة مع زيادة الوعي بأهمية الشراكة بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية.
رعى حفل إطلاق حلقة العمل الوطنية حول مؤشرات العلوم والتقانة «الإنفاق على البحث والتطوير» معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، في معهد النفط والغاز بمشاركة محلية ودولية من جهات مختلفة، أبرزها المجلس الأعلى للتخطيط، ومعهد اليونسكو للإحصاء، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونيسكو، ومجلس البحث العلمي، والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وتستمر لمدة يومين.
وقال سعادة الدكتور هلال الهنائي في كلمة ترحيبية: يعتبر البحث والتطوير أحد أهم محركات الاقتصاد القائم على المعرفة، وأحد المكونات الرئيسة للمنظومة الوطنية للابتكار، والتي تتكامل نسيجيا مع غيرها من مكونات المنظومة من أجل تحقيق الأولويات الوطنية، والجدير بالذكر أن الدول ذات الاقتصاديات القوية وذات التنافسية العالية تولي البحث والتطوير اهتماما بالغا في سياساتها الاستراتيجية ومنظوماتها الوطنية، ويتضح ذلك جليا في الموازنات المرصودة للبحث والتطوير، والتي قد تصل إلى أكثر من 4% من إجمالي الناتج المحلي كما في كوريا مثلا، حيث إن هذه الموازنات تتشارك فيها الحكومات مع القطاع الخاص لما لها من أثر إيجابي على جميع شرائح المجتمع اجتماعيا واقتصاديا.
وأكد سعادته في كلمته، أن السلطنة ضمن الدول التي تعطي اهتماما للبحث والتطوير ضمن خطتها للتنويع الاقتصادي وتأسيس اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار ولا أدل على ذلك من أن الخطة الخمسية التاسعة في البند السابع ركزت على أهمية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والاستراتيجية الوطنية للابتكار، إلا أن الموازنات المرصودة للبحث والتطوير ما زالت دون الطموح، وأضاف سعادته في كلمته بالقول: تعول حكومة السلطنة على مشاركة القطاع الخاص بفاعلية للنهوض بمجال البحث والتطوير على غرار معظم الدول الرائدة في هذا المجال.
وحول حلقة العمل، قال سعادة الدكتور الأمين العام لمجلس البحث العلمي: تأتي حلقة العمل هذه والتي ينظمها مجلس البحث العلمي بالتعاون مع المجلس الأعلى للتخطيط ومعهد اليونسكو للإحصاء إيمانا بأهمية البحث والتطوير وضرورة إيجاد منهجية علمية ودقيقة لاحتساب المؤشرات المرتبطة به، ودور القطاعات الحكومية، والأكاديمية والخاصة في المشاركة الفاعلة لتمكين هذا القطاع من أجل تعظيم مخرجات الابتكار وتعزيز التنافسية، ومع أهمية كافة مؤشرات البحث والتطوير إلا أن معدل الإنفاق على البحث والتطوير هو أحد المؤشرات الرئيسية في كل من تقريري الابتكار العالمي، والتنافسية العالمي مما يؤثر على ترتيب السلطنة عالميا في مؤشر الابتكار وبالتالي مؤشر التنافسية، ولا شك أن المتغيرات الاقتصادية التي عصفت بالعالم خلال السنوات الثلاث المنصرمة كان لها الأثر الأكبر في انخفاض مقدار التمويل في البحث والتطوير، مما أثر سلبا في عدد من مؤشرات البحث والتطوير الأخرى، وانطلاقا من ذلك جاء هذا اللقاء العلمي الذي يضم عددا من الخبراء المحليين والدوليين بهدف إيجاد منصة تفاعلية لتوحيد الرؤى حول مفاهيم مؤشرات العلوم والتقانة وكيفية احتسابها وفق المنهجية المتبعة دوليا خاصة مؤشر الإنفاق على البحث والتطوير.
وعرج سعادته الى الحديث حول الاستراتيجية الوطنية للابتكار، بالقول: إن بناء الشراكات بين مؤسسات الدولة المختلفة من جهة، وبين القطاعين الحكومي والخاص من جهة أخرى وتأسيس مشاريع بحثية تشاركية من أجل تعزيز فعالية الإنفاق على البحث والتطوير هو من أهم موجهات الابتكار التي تقود لتأسيس منظومة وطنية فاعلة للابتكار وفق رؤية الاستراتيجية الوطنية للابتكار بأن تكون السلطنة ضمن أعلى 40 دولة رائدة عالميا في الابتكار بحلول عام 2020 وضمن أعلى 20 دولة رائدة عالميا بحلول عام 2040م ، وهذا لن يتأتى إلا بالاهتمام بالبحث والتطوير والابتكار وإعطائه الأولوية في المرحلة القادمة من أجل تعظيم مخرجات تنويع مصادر الدخل القومي وإيجاد فرص عمل للشباب العماني، وتعزيز مستوى المعيشة والرفاهية للعمانيين والمقيمين بالسلطنة.
وتم خلال الحلقة الإعلان عن نتائج مشروع مؤشرات البحث والتطوير في السلطنة ضمن عرض قدمته الدكتورة شريفة الحارثية، مديرة مشروع الاستراتيجية الوطنية للابتكار أوضحت خلاله الدور الكبير والأهمية البالغة، وأهمية تعاون الجهات الحكومية والخاصة في هذا المجال، تلاها تقديم خبير من معهد اليونسكو للإحصاء لعرض تقديمي، كما تضمنت الحلقة جلسات عمل متزامنة في المجالات الحكومية والصناعية والأكاديمية.
وقالت شريفة الحارثية: إن إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير بلغ 63.62 مليون ريال عماني في 2017 أي ما نسبته 0.22% من إجمالي الدخل القومي.
واستهدف مشروع البحث والتطوير 173 مؤسسة من أربعة قطاعات، استجاب منها فعليا 53 مؤسسة منها 38 من القطاع الحكومي، 9 من قطاع التعليم العالي و 4 من القطاع الخاص . وأظهرت البيانات أن 8 من 38 مؤسسة حكومية و 4 من أصل 9 مؤسسات التعليم العالي و 3 مؤسسات خاصة فقط تقوم بالإنفاق على أنشطة البحث التطوير.
وأشارت البيانات الناتجة عن المشروع تضاعف إجمالي عدد الباحثين من عام 2011 ليصل إلى 2861 باحثا وباحثة في عام 2017، وإلى تناقص عدد الفنيين وموظفي الدعم خلال عامي 2016 – 2017 ، بينما بلغ عدد الباحثين المعادلين بوقت كامل 1197 باحثا وباحثة في 2017 ، ويعتبر القطاع الحكومي الأعلى من حيث أعداد موظفي البحث والتطوير المعادلين بوقت كامل يليه قطاع التعليم العالي، بينما لا يزال القطاع الخاص دون الطموح.
وأضافت الحارثية: يعتبر مؤشر الإنفاق على البحث والتطوير من المؤشرات الرئيسية في مؤشر الابتكار العالمي كمدخل من مداخل الابتكار، ويؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عدد من المؤشرات الأخرى منها: مؤشر عدد الباحثين المعادلين بوقت كامل، ومؤشر عدد الأوراق والأنشطة العلمية المنشورة ومؤشر الاقتباس للأوراق العلمية وعدد براءات الاختراع المسجلة ومؤشر التعاون بين القطاعين الصناعي والأكاديمي.
ويهدف مشروع مؤشرات البحث والتطوير إلى جمع البيانات الدقيقة المساهمة في التخطيط المستمر والمبني على الأدلة حول أنشطة البحث والتطوير في السلطنة والمشاركة في المؤشرات العالمية ذات العلاقة، وإلى قياس تأثير المساهمة في البحث والتطوير التجريبي على التخطيط الاستراتيجي من حيث الإنفاق ومعرفة السعة البحثية في السلطنة، والمشاركة في الإحصاءات العالمية ذات العلاقة والمساهمة في إعداد مشروع قاعدة بيانات وطنية تعنى بحساب مؤشرات العلوم والتقانة.
وقال الدكتور علي الشيذاني، مدير دائرة المراكز البحثية بمجلس البحث العلمي تهدف الحلقة إلى شرح آلية احتساب مؤشرات العلوم والتقانة العالمية والتي تؤثر على ترتيب السلطنة ومكانة السلطنة بين دول العالم في هذا المجال، بالإضافة إلى تعريف البحث العلمي وشرح آلية احتساب عدد الباحثين في المؤسسات، وهو أحد أهم المؤشرات، فبحسب مؤشر الابتكار العالمي للعام 2017 – 2018 ، بلغ عدد الباحثين المعادلين لدوام كامل في السلطنة 213 باحثا في حين أن المعدل العالمي هو 1593 باحثا.
وتهدف حلقة العمل الوطنية إلى تمكين التقاء المؤسسات المعنية بالبحث والتطوير والابتكار في السلطنة مع متخذي القرار والخبراء المحليين والدوليين من القطاعات الأكاديمية والصناعية والحكومية في منصة واحدة لتبادل الخبرات، ومناقشة الأفكار والتحديات التي تواجه دعم البحث والتطوير في السلطنة، وكيفية تعزيز مؤشرات السلطنة في البحث والتطوير بشكل خاص ومؤشرات العلوم والتقانة بشكل عام من أجل تعزيز مكانة السلطنة في الخارطة الدولية للعلم والتقنية من خلال منظومة وطنية فاعلة للبحث والابتكار.
وتستهدف حلقة العمل الوطنية فئات متنوعة من متخذي القرارات في القطاعات الحكومية والصناعية والأكاديمية، والباحثين والخبراء والمفكرين في القطاعات الحكومية والصناعية والأكاديمية، وصناديق الدعم المالي للبحث والتطوير والابتكار، إضافة إلى نقاط الاتصال من هذه المؤسسات المستهدفة التي تقوم دوريا بجمع معلومات مؤشرات العلوم والتقانة وذلك بهدف تعزيز الكفاءة في هذا المجال.
ومن المتوقع من حلقة العمل أن تخرج بجملة من المخرجات المتنوعة وأبرزها خارطة طريق لتعزيز وجمع البحث والتطوير بشكل تكاملي بين القطاعات الفاعلة الثلاثة وهي الأكاديمية والصناعية والحكومية، والخروج بمنهجية واضحة لرصد حسابات مؤشرات البحث والتطوير وفق المعايير الدولية من تعزيز مؤشرات السلطنة في العلوم والتقانة في المؤشرات الدولية، وكذلك تعزيز الكوادر الوطنية التي تعمل في رصد المؤشرات الوطنية بالمهارات اللازمة من أجل تقديم مؤشرات دقيقة تعكس الواقع الفعلي لأنشطة البحث والتطوير في السلطنة.