جريدة الوطن
أجرى مجلس البحث العلمي ممثلا بمعهد تكامل التقنيات المتقدمة بالتعاون مع مركز هلم هولتز لأبحاث المحيطات تجارب تشغيلية لمسبار مائي انطلاقا من ولاية قريات بالسلطنة وذلك في إطار الجهود التي يقوم بها الفريق البحثي في تطوير المسبار المائي ، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة.
اشتملت التجارب التي انطلقت من ميناء الصيد البحري بولاية قريات على عملية إنزال بحري للمسبار ، حيث استخدم لهذا الغرض سفينة تابعة لشركة المياه الزرقاء مزودة برافعه هيدروليكية ، تبعتها عمليات تجريبية لأنظمة الاتصالات اللاسلكية وأجهزة الاستشعار التي تم نصبها على المسبار حيث أثبتت التجارب كفاءة عالية في عمل الجهاز ومقدرة على تحمل الظروف الجوية الحارة التي تمر بها السلطنة خلال هذه الفترة من العام.
ولعل أبرز ما يميز المسبار المائي قيد التطوير هو النطاق الواسع من الاستعمالات التي يمكن التعامل معها ومن أهمها : الدراسات البيئية وجمع البيانات حول المعطيات البيئية البحرية والأرصاد وعلوم المحيطات، والمسوحات الهيدروغرافية، ودراسة الظواهر البحرية كالمد الأحمر، والدارسات المتعلقة بحركات الصفائح ورصد الزلازل، وتلك المتعلقة بالمسوحات الكمية للأسماك وعمليات التلوث البحري، كما أن للمسبار المائي تطبيقات واسعه تتعلق بعمليات الأمن والاتصالات وأمن الممتلكات وسلامة الملاحة في مياه البحار.
واستكمالا للجهود التي يقوم بها مجلس البحث العلمي في مجال دعم وتفعيل الأنشطة البحثية في السلطنة يعكف المجلس حاليا ممثلا بمعهد تكامل التقنيات المتقدمة على تنفيذ هذا المشروع البحثي الذي يعنى برصد وتتبع حركة المياه الجوفية وتصريفها تحت سطح البحر، حيث يتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث الألمانية هلم هولتز ممثلة بمركزي هلم هولتز لأبحاث المحيطات وهلم هولتز للأبحاث البيئية، وبالتعاون مع العديد من الجهات المحلية ذات العلاقة.
وحول أهداف المشروع قال الدكتور عمر بن سعيد العبري باحث في معهد تكامل التقنيات المتقدمة : إن المشروع البحثي يهدف إلى رصد وتتبع حركة المياه الجوفية وتدفقها تحت سطح البحر وذلك من خلال تطوير طرق تكنولوجية مبتكرة ووضع نماذج جديدة لتحديد مواقع وكميات المياه المتدفقة إلى البحر ولعل أبرز ما يميز المشروع البحثي هو العمل على تطوير مسبار مائي متعدد الاستخدامات يسمى بـ (Wave Glider) والذي يمكن تسييره آليا في مياه البحار والمحيطات باستخدام الطاقة الحركية للأمواج والطاقة الشمسية بهدف جمع وتحليل عينات للمياه بالإضافة إلى جمع بيانات حول المعطيات البيئية البحرية الأخرى بما يساهم في رصد هذا النوع من الظواهر، ومن ثم إرسال هذه البيانات باستخدام المنظومات اللاسلكية عبر الأقمار الاصطناعية إلى مراكز التحليل المختصة.
وأضاف بأن الهدف من هذا المشروع يتمثل في إيجاد مصادر غير تقليدية للمياه في السلطنة والسعي نحو دراستها وتقييم إمكانية استغلالها لسد الاحتياجات المائية المتزايدة في السلطنة سواء للاستخدام المنزلي أو الزراعي أو غيرها من الاستخدامات الأخرى.
ونظرا لما تتميز به محافظة ظفار من موعد سنوي مع موسم الخريف وهي ظاهرة سنوية تحدث خلال فترة الصيف نتيجة لتدفق السحب الموسمية من المحيط الهندي مما يساهم في تكون الضباب وهطول الأمطار فتمتلئ خزانات المياه الجوفية مما يؤدي إلى تصريف المياه الجوفية وظهورها على شكل ينابيع ساحلية أوعيون مائية تتدفق تحت سطح البحر حيث تشمل الدراسة القيام بعمليات رصد ومتابعة ميدانية لكميات الأمطار التي تهطل خلال فترة موسم الخريف وتأثيرها على مستوى المياه الجوفية، والفترة الزمنية التي تستغرقها هذه المياه للتدفق من أعالي جبال محافظة ظفار مرورا بالسهل الساحلي لمدينة صلالة إلى أن يستقر بها المطاف بالتدفق على شكل عيون مائية أو ينابيع بحرية.
جدير بالذكر أن مجلس البحث العلمي أنشأ معهد تكامل التقنيات المتقدمة (IATI) ليكون نموذجا جديدا للسلطنة يعمل على تأسيس ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في الأنشطة البحثية والعلمية وليعمل كوسيط بين قطاع الصناعة والأعمال والقطاع الأكاديمي مستهدفا تطوير البحوث العلمية إلى تقنيات جديدة ومنتجات مبتكرة قابلة للتسويق، وتهيئة بيئة بحثية محفزة للخبراء الباحثين والأكاديميين لإجراء بحوث تطبيقية في القطاعات الاقتصادية في السلطنة تقود لتلبية حاجات السوق المحلي.