جريدة الرؤية
يُمثِّل التعليم العالي في أي بلد حجر الزاوية الأساسية للعملية التنموية، وأحد المؤشرات الرئيسية لتقدم الشعوب وبناء الإنسان، وقد تزايدت الحاجة للتعليم العالي، وزاد الاهتمام بتطويره؛ لما له من أهمية في تحقيق متطلبات التنمية وخدمة أهدافها؛ حيث أصبحت مؤسسات التعليم العالي ومراكز الدراسات المتخصصة والبحث العلمي موطنا لصناعة القرار الثقافي والعلمي، ومصدرا لرسم التوجهات الاستراتيجية، وحاضنة لإنتاج العقول المؤهلة للنهوض بالبناء الحضاري والاقتصاد الوطني للبلاد.
وتسعى وزارة التعليم العالي - ممثلة في المديرية العامة للبعثات - لتعزيز المكانة الثقافية والعلمية للطالب العماني، عن طريق إلحاقه بالبعثات الخارجية والداخلية في المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا في التخصصات المطلوبة، وقد حرصت الوزارة على وضع الآليات التي تتناسب مع الزيادة الحاصلة في أعداد البعثات الدراسية داخليا وخارجيا. ومن أبرز الجهود التي بذلتها الوزارة لتحقيق الأهداف المرسومة للابتعاث لهذا العام: توقيع عدة اتفاقيات مع القطاع الخاص لتمويل عدداً من المنح الدراسية للمرحلة الجامعية الأولى ومرحلة الدراسات العليا حيث وصلت حتى شهر مايو 2018م إلى عشر اتفاقيات، وتخصيص عدد من البعثات لفئة ذوي الإعاقة السمعية والبصرية في المملكة الأردنية الهاشمية، وإضافة كلاً من فرنسا وكندا لدول الابتعاث الخارجي لمرحلة البكالوريوس.
إلى جانب فتح باب الابتعاث للتخصصات التربوية داخليا وخارجياً في ضوء التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ووضع ضوابط جديدة لتنظيم إجراءات متابعة الطلبة داخليا وخارجيا.
وتتولى الوزارة - ممثلة بالمديرية العامة للبعثات - الإشراف على الطلاب المبتعثين داخل السلطنة وخارجها؛ من أجل تأهيلهم للحصول على الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس) في مختلف التخصصات التي تحتاجها السلطنة، ومن ثم الإشراف عليهم أكاديميًّا للاطمئنان على سير دراستهم وتقديم كل ما يحتاجون إليه من رعاية وخدمات تعينهم على تحقيق أهداف ابتعاثهم؛ حيث تم تخصيص 1643 مقعدا للعام الأكاديمي (2017/2018م) للابتعاث الخارجي، وتخصيص 9638 مقعدا للعام الأكاديمي (2017/2018م) للابتعاث الداخلي. كما قامت المديرية بإيجاد قاعدة بيانات متكاملة لطلبة الدراسات العليا الدارسين بمؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة وخارجها.
فيما يقوم مركز القبول الموحد بعملية تنسيق وإنهاء إجراءات قبول الطلبة المؤهلين الذين أنهوا دبلوم التعليم العام أو ما يعادله، ويضمن نظام القبول الموحد الإلكتروني الفرص المتساوية لجميع الطلبة المتقدمين، كما يلبي حاجة المجتمع في تسهيل عملية تقديم طلبات الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي وإدارتها بكفاءة من خلال استخدام الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت)، والرسائل النصية القصيرة (SMS)، وتطبيق الهواتف الذكية "التحق".
وأكمل المركز أعماله في تنظيم عملية تسجيل وقبول الطلاب بمؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة وخارجها للعام الأكاديمي 2017/2018م اثني عشر عاماً منذ إنشائه في العام 2006م، وبعد مرور تلك الفترة من إنشائه ارتأى المركز تحديث اللائحة التنظيمية للقبول الموحد والتي صدرت في 22 يونيو 2017 لإدارة عملية تسجيل وقبول الطلاب بشكل أكثر فاعلية.
كما عمل المركز على تطويع كافة السبل والوسائل من أجل تسهيل إلحاق الطلاب بطريقة عادلة ومتساوية بمؤسسات التعليم العالي المختلفة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: تقسيم دليل الطالب وتبويب البرامج الدراسية بمؤسسات التعليم العالي والبعثات والمنح الداخلية والخارجية حسب المجال الدراسي العام للتخصص كالصحة والعلوم الطبيعية والفيزيائية والهندسة...وغيرها؛ بهدف تسهيل عملية البحث عن التخصص الذي يتناسب مع ميول الطالب ورغبته، وتشجيعه على اختيار الملائم من التخصصات دون التركيز على مؤسسة دون أخرى، وتحديد 12 برنامجاً دراسياً كحد أدنى للتقدم إلى نظام القبول الموحد الإلكتروني، ويمكن للطلاب الزيادة على ذلك بحسب ما يرغبون من البرامج التي يستوفون لشروط التقدم إليها. كما توسعت بعض مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة في أعداد البرامج الدراسية التي يمكن للطلبة من ذوي الإعاقة التقدم إليها والتي بلغت حوالي 234 مقعدا.
وفقا لقاعدة بيانات نظام القبول الإلكتروني للعام الأكاديمي 2017/2018، بلغ عدد المقاعد المتوفرة في مؤسسات التعليم العالي والبعثات والمنح الداخلية والخارجية 29852 مقعدًا دراسيًا. وبلغ عدد المتقدمين (أي قاموا بالتسجيل واختيار البرامج الدراسية) 36188 طالبًا وطالبة، كما بلغ عدد المتقدمين الناجحين (أي المتقدمين الناجحين في شهادة دبلوم التعليم العام أو ما يعادله) 33013. أما عدد الطلاب المقبولين في مؤسسات التعليم العالي والبعثات والمنح الداخلية والخارجية فوصل إلى 24436 طالباً وطالبة.
ويتولى مركز القبول الموحد إدارة النظام الإحصائي للتعليم العالي الذي اعتمد على المشروع الذي تنفذه الوزارة لربط 70 مؤسسة تعليمية حكومية وخاصة (41 مؤسسة تعليمية حكومية، و29 مؤسسة تعليمية خاصة) بقاعدة البيانات المركزية. وجُمعت البيانات الإحصائية للعام الأكاديمي 2016/2017م من قاعدة البيانات المركزية دون الحاجة للرجوع إلى مؤسسات التعليم العالي، وتتضمن هذه القاعدة البيانات التعريفية والمالية لكل مؤسسة تعليم عال داخل السلطنة بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالطلاب والعاملين في جميع مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة، وبيانات الطلبة العمانيين المبتعثين إلى دول خارج السلطنة.
وتساعد تلك البيانات الإحصائية متخذي القرار على وضع الإستراتيجيات والخطط التي من شأنها أن تسهم في تطوير نظام التعليم العالي في السلطنة، والمقارنة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، كما توضح البيانات الإحصائية وضع السلطنة في التعليم بين دول العالم وذلك من خلال البيانات التي يتم تزويد المنظمات الدولية بها.
وتشرف وزارة التعليم العالي على 5 كليات للعلوم التطبيقية تتوزع في مختلف ولايات السلطنة (صحار ونزوى وصور وعبري وصلالة، إضافة لكلية التربية بالرستاق)، وقد بلغ عدد الطلاب المقيدين بهذه الكليات للعام الأكاديمي 2017/ 2018 (6998) طالبا وطالبة.
وفي إطار تقييم ومراجعة البرامج التي تطرحها الكليات ودراسة مدى مواكبتها لمتطلبات سوق العمل تم طرح برنامج إدارة الأعمال بعد مراجعته وإضافة تخصصات جديدة؛ وهي: إدارة سلاسل الامداد، التسويق، التأمين والبنوك والخدمات المصرفية خلال العام الأكاديمي 2017/2018م.
وتعمل كليات العلوم التطبيقية على تعزيز ثقافة البحث العلمي وزيادة الإنتاج البحثي من خلال تفعيل دور مركز البحث العلمي بالمديرية العامة لكليات العلوم التطبيقية الذي يرسم خارطة البحث العلمي لمنظومة الكليات لتصبح شريكا فاعلا في النهضة التنموية التي تشهدها السلطنة في مختلف المجالات، من خلال دراسة الواقع وتحليله والخروج بنتائج وتوصيات يرتكز عليها صناع القرار، وأصدر مركز البحث العلمي العدد السادس من المجلة العمانية للعلوم التطبيقية في ديسمبر 2017م، حيث يأتي اصدار هذه المجلة ضمن مساعي الكليات للنهوض بالحركة البحثية والعلمية في مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة، والاسهام في بث المعرفة والوعي بأهم قضايا التعليم العالي والبحث العلمي.
أما على صعيد المشاركات الخارجية لعام 2017/2018م، فإن كليات العلوم التطبيقية تسعى لإشراك الطلاب بقرنائهم في المؤسسات التعليمية الجامعية سواء مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي أو المؤسسات والجامعات العربية والدولية، فعلى سبيل المثال شاركت ثلاث طالبات من كليات العلوم التطبيقية في الزيارة الطلابية إلى جامعة كارديف ميتروبولين بالمملكة المتحدة وذلك للاطلاع على تجربة الجامعة في مجال التصميم ولاكتساب الخبرات خلال العام الأكاديمي 2017/2018م.
شهد قطاع التعليم العالي الخاص نموا مضطردا في السنوات الأخيرة، فقد تطورت منظومة مؤسسات التعليم العالي الخاص كما ونوعا، فوصل عدد المؤسسات التعليمية الخاصة 29 مؤسسة (9 جامعات و20 كلية خاصة) موزعة على مختلف محافظات السلطنة، وتقدم تخصصات وبرامج مختلفة على مستوى الدبلوم والبكالوريوس والماجستير. وانتقلت معظم هذه المؤسسات إلى مبانيها الدائمة؛ حيث أكملت 24 مؤسسة مبانيها الدائمة من مجمل 29 مؤسسة تعليم عالٍ إذ تم بناءها وفق مواصفات ومعايير مؤسسات التعليم العالي.
ومن أبرز مستجدات قطاع التعليم العالي الخاص خلال العام الأكاديمي 2017/2018م: صدور قرار ترفيع المعهد الوطني للسيارات إلى كلية تقنية السيارات تحت إشراف وزارة التعليم العالي، وصدور قرار الموافقة المبدئية على إنشاء كلية الطب بجامعة ظفار، وصدور قرار إنشاء الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا عن طريق دمج كليتي كالدونيان الهندسية وعمان الطبية وإضافة كليات أخرى، وقبول حملة دبلوم التعليم العام (المسارات غير العلمية) في التخصصات الهندسية على أن تقوم المؤسسات بتقديم برنامج تجسيري مكثف مدته عام أكاديمي يتم فيها تدريس الطالب المواد العلمية ذات الصلة بالبرنامج المراد الالتحاق به.
وبناءً على توصية صادرة من مجلس التعليم، نفذت الوزارة - ممثلة بالمديرية العامة للجامعات والكليات الخاصة - حلقة عمل استهدفت مؤسسات التعليم العالي الخاصة والجهات ذات العلاقة، والتي تم تنفيذها خلال شهر مايو 2018م، ويأتي انعقاد هذه الحلقة لتشجيع المؤسسات على استقطاب الطلاب الدوليين، وترغيبهم في الالتحاق بها؛ لما في ذلك من ترويج لتلك المؤسسات على وجه الخصوص على الصعيد الإقليمي والدولي ولسمعة التعليم العالي الخاص في السلطنة بشكل عام، اشتملت حلقة العمل على عدد من أوراق العمل واستعراض تجارب بعض الدول واستخلاص التحديات التي تواجهها والعمل على تذليلها وخرجت بتوصيات تحقق الهدف المرجو منها.
بلغ عدد الطلاب المقبولين بمؤسسات التعليم العالي سواءً داخل السلطنة أو خارجها للعام الأكاديمي (2017/2018م) 24421 طالبا وطالبة. وذلك بواقع 14661 طالبًا وطالبة في المؤسسات الحكومية، و8515 طالبًا وطالبة في المؤسسات الخاصة داخل السلطنة، و1245 طالبًا وطالبة في البعثات والمنح الخارجية، موزعين على 182 برنامجا في 17 دولة؛ من بينها 3 دول خليجية. أما بالنسبة للتخصصات؛ فقد تمثلت في 11 تخصصاً، وقد جاء تخصص الهندسة والتقنيات ذات الصلة في مقدمة التخصصات من حيث أعداد الطلاب المسجلين فيها؛ حيث بلغ عددهم 405 طلاب وطالبات، تبعه تخصص الإدارة والمعاملات التجارية وبلغت أعداد الطلاب فيه 208 طلاب وطالبات، في حين كان تخصص (الزراعة والبيئة والعلوم المرتبطة بها) أقل التخصصات من حيث تسجيل الطلبة فقد سجل فيه طالب واحد فقط.
أما فيما يتعلق بتوزيع الطلاب على دول الابتعاث في نفس العام الأكاديمي (2017/2018) فقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة اختيارات المبتعثين للدراسة في الخارج بعدد 404 طلاب وطالبات، تلتها المملكة المتحدة بعدد 298 طالبا وطالبة، ثم أستراليا بعدد 139 طالبا وطالبة. وفيما يتعلق بالمنح الدراسية فقد تم قبول 44 منحة من الدول الشقيقة والصديقة، وكانت لجميع المراحل الدراسية: البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.